مراجعة فيلم – The Revenant 2015

مراجعة فيلم : The Revenant

 

revenant-leo

 

مقدمة /

The-Revenant-22-620x413

يقول مُخرج الفيلم أليخاندرو إيناريتو : ” لو انتهى بنا المطاف أمام شاشة خضراء! والجميع مرتاح ويشرب القهوة، سيكون الجميع سعداء، لكن على الأرجح سيكون الفيلم فظيعا “. عندما قرأت هذه الجملة علمت أنَّ أليخاندرو يريد المنافسة، يريد تحطيم المفاهيم القديمة وخلق مفاهيم جديدة. تخبرنا هذه الجملة بأنَّ هذا العمل لن يكون سهلاً على الإطلاق، بل سيكون الأصعب على كل القائمين عليه. معظم عشّاق السينما يعلمون جيداً الصعوبات التي واجهها هذا الفيلم ليكون حقيقياً. إحدى المشاكل المهمة والحساسة هي تلك التي حدثت بين المخرج “أليخاندرو” والمنتج “جيمس سكوتشدوبل” والتي حالت لطرد الأخير من موقع التصوير. ( هكذا حسب ما قرأت حول الفيلم منذ فترة تصويره ) ، وتم تعيين المنتجة “ماري بيرينت” والتي تولت المهمة بعد رحيل سكوتشدوبل. كما أنَّ هناك الكثير من التفاصيل التي تؤكد لنا مرة أخرى بأنّ هذا الفيلم لم يكن مُجرّد فيلم، بل هو صراع بين السينما وصنّاع السينما، كما وكأن ما حدث لـ غلاس – الشخصية المحورية بالفيلم – كان يحدث مع أليخاندرو ومع دي كابريو ومع كل طاقم العمل الأساسيين. هذا الفيلم واجه مشاكل كبيرة في الإنتاج حيث أخذ وقتاً أطول، كذلك ميزانية الفيلم تعدت الميزانية المُخطط لها وهذا ما جعلنا نحن -عشّاق السينما- ننتظر الفيلم بفارغ الصبر كونه كان تجربة جديدة و مخاطرة سينمائية ستسجّل في التاريخ.

القصة /

chk_captcha

هيو غلاس، صيّاد فراء ماهر وشخصٌ يعلم ماذا يفعل.. فهو من له معرفة بكل الاتجاهات التي بإمكانها أن تساعدهم أثناء الرحيل في حين حدوث أي مكروه للفريق. نلاحظ من خلال المشاهد الأولى أنّه العقل المدبّر، إلا أنه لم يكن قائد الصيادين. تدور أحداث القصة حول ما سيواجهه “غلاس” منذ المشهد الذي يقوم فيه أحد قادة قبائل الهنود الحمر بالهجوم على مُخيم الصيادين بحثاً عن خاطف ابنته، في حين كان “غلاس” يصطاد في الغابة هو وابنه وينجزان عملهما. تفاصيل القصة في رأيي ليست صغيرة، رغم أنَّ أحداثها الأساسية تبدأ عندما يجد غلاس وابنه والصيادون مكاناً مناسب ليرتاحوا فيه قليلاً بعد الملحمة التي كان فيها الموت أقرب من أي شيء آخر، وفي تلك الأثناء يقوم غلاس بالاستكشاف إلا أنّه ومن سوء الحظ يضع رجليه قرب مساحة من أرضٍ يعيش فيها دبٌ شرس، فيُهاجم غلاس من قبل الدب الذي جعل معظم أنحاء جسده ممزقة وملطّخة بالدماء. بعد هذا الهجوم يصبح غلاس عبء على الصيادين لأنه من الصعب الهروب والرحيل وهو معهم بهذه الحالة المزرية. بعد العديد من الأحداث يُترك غلاس في الغابة لوحده، دون سلاح ولا طعام.. في صقيع براري الحدود الأمريكية. من هذا الجزء أكون قد وصفت القصّة بصورة سطحية دون اللجوء لأيّ تفاصيلٍ أخرى، ولكن في الفقرة المقبلة سأتطرق لبعض الأمور التي ترتبط بالنص السينمائي والقصّة الأصلية.

تفاصيل متعلقة بالقصّة /

revenant-trailer

البعض عندما يقرأ نبذة بسيطة حول قصة الفيلم، لن يكون متحمساً لأنّها قصة مكررة وشاهدنا مثلها كثيراً في عالم السينما. قصص النجاة والانتقام والقتال من أجل البقاء كثيرة وأنا أعلم ذلك ولو أنها قصة حقيقية وحدثت بالفعل، ولكنّي سأخبركم بشيءٍ بسيط .. لو كانت مثل هذه القصص مكررة وكثيرة ! هل كان المخرج هو نفسه أليخاندرو؟ .. هل كان طاقم التمثيل يضم دي كابريو وتوم هاردي معاً؟ .. هل كانت العدسة التي قد صوّرت تلك الأفلام هي نفسها عدسة المُبدع لوبزكي؟ .. لا أظن ، إذاً لا يمكننا أبداً أن نطلق الأحكام حول فيلمٍ يضم مثل هؤلاء المميزين. يقول “غلاس” لابنه بعد ما قُتلت زوجته في غارةٍ يوضحها لنا الفيلم بأنها قد حدثت في الماضي : ” طالما يمكنك أن تتنفس، فقاوم. تنفس، استمر بالتنفس. ” .. وفي حديثٍ آخر نرى بأنَّ زوجة غلاس سبق وأخبرته بجملة في الماضي تقول فيها : ” حين يكون هناك عاصفة، وتقف أمام شجرة لو نظرت لفروعها فتكاد تقسم أنها ستسقط، ولكن لو راقبت الجذع ستشاهد ثباته ” . أي أنّ الماضي الذي كان قد عاشه “غلاس” كان عاملاً مهماً في جعله يقاوم الظروف السيئة التي وقع بها. مشاهد الفلاش باك لم ألاحظ أحداً ممن شاهدوا الفيلم قد انتبهوا إليها، ولكنني أظنّ بأنها رابط مهم بكامل القصّة وأحداثها، وفي ردة فعل غلاس أيضاً. هذه التفاصيل و الحوارات مهمّة في رأيي وهي من التفاصيل التي نالت إعجابي كثيراً ولم أجد أنها مكررة على الإطلاق، كما أنني لا أعلم الحقيقة ما إذا كانت بالفعل متعلقة بالقصة أمّ أنها إضافات سينمائية من قبل المُخرج أليخاندرو إيناريتو على سيناريو أو نص الفيلم المقتبس.

 

النص /

bix8-square-1536

نص الفيلم مقتبس من رواية تحمل نفس الاسم وكاتبها يُدعى “مايكل بنكي”، ولكنه وكعادة أليخاندرو.. أضاف وعدّل كثيراً بالنص وقد ساعده في ذلك الكاتب المغمور “مارك سميث”. أعيد وأكرر أنني لا أعلم ما هي أحداث القصة المتواجدة في الرواية، ولهذا لا يمكننا معرفة التعديلات، ولكن من الناحية الأخرى.. أظنّ بأنّ أليخاندرو لم يكن موفقاً في التعامل مع النص في منتصف الفيلم، ولهذا نلاحظ أنّ بعض المشاهدين وصفوا بأنّ القصة مملة، يمكن القول بأنّ أليخاندرو بالفعل لم يتعامل مع القصّة جيداً.. ولكنه أليخاندرو، وسبق وشاهدنا كيف كان يتعامل مع نص فيلمه المبتكر “بيردمان” وأنّه لم يكن مهتماً بالمشاهد الذي يبحث عن الإثارة والأحداث السريعة فقط! .. لهذا من رأيي الشخصي هناك عدة جوانب تعامل معها أليخاندرو تقنياً بشكلٍ مميز، مشاهد كثيرة مضافة ونعلم جيداً أنّها كانت مضافة ومن المستحيل أن تكون حقيقية.. ولكنها برؤية المكسيكي وجدناها حقيقية. من شاهد على الأقل ثلاثة من أعمال أليخاندرو، من المستحيل أن يرى ضعفاً في النص لأن هناك أموراً جانبية ستجعلك مستمتعاً طوال الوقت. أظنّ بأن الساعتين والنصف كانت بالفعل مبالغة وتمنيت ولو حاول أليخاندرو تقليلها لكانت ردود الفعل من كل المشاهدين متحدّة، لكن لا بأس.. مشاهد الفلاش باك كما ذكرت أخذت بعض الوقت من الفيلم. أظنّ بأن أليخاندرو حاول أن يُعطي لكل الطاقم مساحة كافية من الوقت، ولهذا لم يكن قادراً على تقليص المدّة الزمنية للفيلم. رأيي النهائي بخصوص النص هو أنّه نصٌ جيد جيداً، وهو العامل الوحيد الضعيف في الفيلم مقارنةً بالبقية، وهذه من النوادر التي أقيم بها نصاً قد أقتبس معظمه من رواية أحداثها واقعية، وتفاصيلها مكررة، وأسبابي وُضحّت إليكم بالأعلى.

 

الإخراج /

la-ss-therevenant-director-alejandro-inarritu--002

أعلم أنني ذكرت اسم المخرج كثيراً، وكررته كثيراً، ولكنّي مضطر، هذا النوع من الأعمال السينمائية يكون معظم أجزائه تتعلق بالمخرج وبأفكار المخرج وبلمسات المخرج وبسلبياته أيضاً. أليخاندرو إيناريتو، هذا الرجل الذي استقبله الأمريكان ولم يتوقعوا له هذا النجاح إطلاقاً، هذا المخرج الذي دخل هوليوود بأفكاره التي تحطم أفكارها التجارية المكررة في الفترة الآخيرة، هذا المكسيكي اقتحم الأوسكار العام الماضي بفيلمه المبتكر والمميز “بيردمان” .. ليخبر أمريكا بأنّه موجود، بأنّه يملك الأفكار والشخصية، بأنه المخرج الأفضل عام 2014. أصبح عشّاق السينما ينتظرون أعمال أليخاندرو بفارغ الصبر، كونها تتميز بواقعيتها وجودة كافة تفاصيلها الفنية والتقنية. أفلام أليخاندرو تتميز بتصويرها المميز المعقّد، وتتميز أيضاً بلمساتها الحقيقية والنادرة جداً بعالم السينما. يقول أليخاندرو عن الصعوبات التي واجهها عبر هذا الفيلم : ” إذا عرفت أن هناك كمان يعزف خارج السرب، عليَّ إخراجه من الأوركسترا “، أليخاندرو وكما ذكر العديد ممن عملوا معه بأنه صعب المراس، كما أنّه دقيق للغاية. إخراج عملٍ تعتبر أحداثه مقتبسة عن قصة حقيقية قد لا يكون مثيراً ومهما في نظر البعض، إلا أنّ أليخاندرو لم يختر هذه الفكرة إلا وأنه يعلم صعوبتها، ومن خلال كل المقابلات التي قرأتها له.. أعلم جيداً بأنه مُخرج يحب المنافسة والتحدي، وبفيلميه الأخيريين ها هو يؤكد هذه النظرية ويثبتها للمشاهدين ولكافة السينمائيين بالعالم. إيناريتو قرر من خلال هذا الفيلم أن يصوره بالضوء الطبيعي فقط، وهذا يعدّ انتحاراً في زمن اعتمد فيه المخرج على الإضاءة المصنوعة، بل إنَّ موقع التصوير نفسه يعتبر من أصعب المواقع التي لا يمكن لأحدٍ أن يُجازف ويصّور بها فيلماً من الأساس. بل وإنّ من تحديات هذا العمل أنّه قد نُقل موقع تصوير الفيلم من كندا بسبب تقلبات الطقس إلى أقصى الأرجنتين، بحثاً عن الثلج.. وقد واجهتهم صعوبات في الأرجنتين أيضاً. مُخرج تحدّى كل شيء، ومن أجل ماذا؟ .. أظنّه من أجل السينما، أي من أجلنا. مُخرج يريد أن يقدم لنا فيلماً حقيقياً.. يختلف كلياً عن الأفلام التي سبق وأن شاهدناها. فهل من حقنا أن نطلق عليه أحكاماً ونذكر في بدايتها أنّها رأينا الشخصي، لا أعلم.. أظنّ وحسب رأيي الشخصي في هذا الجانب الحسّاس أنّه كان إخراجاً عظيماً ومن رحم المعاناة. شاهدنا كيف كان غلاس يعاني، نعم.. هناك أيضاً أليخاندرو، ولكنّه لم يكن على الشاشة.. بل كان خلفها.

 

التصوير السينمائي /

THE REVENANT

السينماتوغرافي المُبدع المميز الموهوب .. “إيمانويل لوبزكي”. حصد لوبزكي على جائزتي أوسكار من أصل ثلاثة ترشيحات، بل أنّه حصد الجائزتين على مرتين متتاليتين عام 2013 عن فيلم “الجاذبية أو – غرافيتي – “، وعام 2014 عن فيلم “بيردمان ” رفقة زميله في هذا الفيلم أيضاً المخرج إيناريتو. وها أنا أقولها منذ اللحظة.. إنّها الثالثة يا لوبزكي. المنافسة على جائزة أوسكار أفضل سينماتوغرافي هذا العام شرسة، خصوصاً بعد ما قدّماه المصورين “روجير ديكنز” عن فيلم “القاتل المأجور أو – سيكاريو – “، وداني كوهين عن فيلم “الغرفة أو – رووم – “، إلا أنَّ المجازفات التي قام بها لوبزكي أكثر خطورة، بل إنّه من الظلم أن نقارن عمله بأعمال البقية. لوبزكي استخدم تقنية اللقطة الواحدة في مشاهد كثيرة، كما إنّه اختار استخدام هذه التقنية في مواضع مميزة وملحوظة، بل أضافت الكثير للفيلم وجعلته ممتعا ورائعا بصرياً. ما يميز الفيلم هو التصوير السينمائي، حقيقةً لو لم يكن لوبزكي زميل أليخاندرو بهذا الفيلم، لكانت قيمة الفيلم أضعف وأقل. بعد مشاهدتنا لعمل الثنائي بفيلم “بيردمان”، لاحظنا الانسجام والتوافق التام بين الاثنين، أتمنّى شخصياً أن تكون هذه الثنائية مستمرة في بقية الأعمال. سينماتوغرافي الفيلم كان العلامة الفارقة، وكان الشيء الأكثر تميزاً، لا يمكنني الحديث أكثر خلال هذه الفقرة، من شاهد الفيلم يفهمني جيداً.

 

التمثيل /

Leonardo Di Caprio and Tom Hardy in the Trailer for "The Revenant"

بكل صراحة، لن أتطرق للحديث عن بعض الممثلين، إنما سأركز فقط على اسمين اثنين، وهما بالتأكيد من كانا الأفضل في هذا الجانب المهم جداً، بل إنّ التمثيل يعتبر أحد العناصر الأكثر أهمّية في عالم السينما. ليوناردو دي كابريو كما لم تشاهده من قبل، نعم يا عشّاق الممثل.. لقد تحدثت كثيراً عن مسألة ليو والأوسكار، وأجببت على العديد من الأسئلة التي تغدو على شاكلة : لماذا لم يكسب الأوسكار؟ .. لماذا الممثل الفلاني ربحها وليو لم يربحها؟ . دي كابريو لم يكن يوماً ممثلاً سيئا، ولكن من سوء حظه أنّ المنافسة دائماً ما كانت شرسة، هناك دائماً ممثل أفضل.. و فيلمٌ أقوى من أفلامه. هذه المرّة دي كابريو لم يكن وسيماً، لم يظهر بملامحه الطبيعة، ولم يكن يرتدي تلك الملابس الفخمة، بل كان في هذه المرّة محطّماً.. كان هو غلاس، من يُعاني من أجل البقاء. دي كابريو من خلال أدائه وكأنه يؤكد لنا بأنه قادم وبقوة للمنافسة على الأوسكار من جديد. يقول ليوناردو : ” إنّه جحيم. ” وكأن حال لسانه يقول إنَّ هذا الفيلم جحيم ولكنني وافقت على التمثيل فيه من أجلي، ثم من أجلكم.. وأخيراً من أجل الأوسكار. كعاشق للسينما، ورغم أنني لم أشاهد بقية الأدوار التي رُشحت! إلا أنني على ثقة تامّة بأنها ستكون من نصيبك يا ليو، إنّها الأوسكار الأولى.. في الطريق قادمة إليك. في الجانب الآخر هناك ممثل موهوب، وأراه حقق نجاحاً باهراً هذه السنة، الممثل “توم هاردي”، أداء مميز جداً استحق من خلاله ترشيحاً للأوسكار، وأظنه منافس قوي عليها. الدور الذي لعبه توم هاردي كان الغرض منه أن يكون شخصيةً وقحة، يكرهها الجميع.. توم هاردي فعل ذلك، بل فعل أكثر من ذلك بكثير. الطاقم التمثيلي للفيلم قدّم ما عليه، مستوى الفيلم من هذا الجانب كان ممتازاً حسب رأيي.

مونتاج وموسيقا الفيلم /

the-revenant.jpg

“ستيفن ميريوني”.. زميل أليخاندرو في كافة أعماله السينمائية تقريباً. معظم أفلام المخرج أليخاندرو نرى بأنّ المونتاج وتعديلات الفيلم مسؤول عنها ستيفن، في هذا الفيلم.. كنت رائعاً يا ميريوني، مونتاج الفيلم مميز للغاية، كيفية التركيبة كاملة وظهور كافة التفاصيل بمظهرها الحقيقي، إضافات الصوت والمؤثرات على المشاهد الصامتة وكأنها لم تكن تعديلات. يستحق هذا الرجل الترشيح. أمّا بخصوص الموسيقا، موسيقا هذا الفيلم ساحرة.. بدون أي مبالغة، فمن يعرفني جيداً.. يعلم أنني لا أبالغ حين أصف شيئاً ما، موسيقا الفيلم مميزة ورائعة. موسيقا الفيلم كانت من عمل الثنائي “ساكاموتو” .. و ” ألفا نوتو ” ، موسيقا الفيلم لم تكن كافية نعم.. بل هناك العديد من المشاهد التي كان ينقصها الموسيقا، لكن كما ذكرت، أليخاندرو كان يريد للجميع أن يتحصل على فرصته. في رأيي مختصراً.. موسيقا الفيلم كانت مميزة ولكنّها لم تكن كافية.

جوانب اخرى، ثم خاتمة /

 

the_revenant_3-620x407

المكياج والأزياء.. كانت متقنة جداً. إبداع أليخاندرو جعلنا خلال هذا الفيلم منبهرين، قام بالسفر بنا من خلال واقعية هذا الفيلم لما يعيشه غاس من مصاعب وظروف قاحلة وقاسية، كنّا بالمكان والزمان هناك في نفس البقعة. هناك مشاهد كثيرة رائعة ومميزة بالفيلم، خصوصاً مشهد احتماء ليوناردو داخل .. (لا يمكنني ذكر ذلك، لا أريد أن أحرق لكم التفاصيل المهمّة الرائعة) .. ولكنه كان مشهداً مميزاً وجديدا في عالم السينما، لم أر له مثيلاً من قبل. كذلك هناك المشاهد التي كان من خلالها ليوناردو يتنفس بقّوة.. ثم نشاهد آثار أنفاسه تظهر على الشاشة! .. إنّها الواقعية التي تحدثت عنها، مثل هذه اللمسات لا يمكن للعديد ملاحظتها أو الاهتمام بها، لكن صاحب هذه الفكرة.. أليخاندرو أم لوبزكي أم أيًّ كان.. كان يعلم بأنها لمسة جميلة وبإمكانها إضافة الكثير للفيلم. مجملاً.. كان الفيلم عالي الإتقان، دقيقاً في كل شيء، كان الفيلم في رأيي ينافس بقية الأفلام بطريقته الخاصّة. إنّه الفيلم الذي تحدّى فيه المخرج كل شيء، وتحدّى فيه المصّور والممثل.. والموسيقا والمنتج.. فريق الإنتاج والطاقم التمثيلي بالكامل، غاس وابنه أيضاً. كلنا نتفق على ضُعف النص بعض الشيء وأنّه لو كان فيلماً مبتكراً لكان أفضل.. ولكن لماذا علينا أن نحكم من خلال هذه النظرة الضيقة! .. علينا إعطاء الفيلم حقّه، لقد استمتعت بالفيلم كثيراً.. لم أشعر بالملل على الإطلاق، كانت تجربة فريدة من نوعها، أشاهد الأفلام كثيراً، بكافة أنواعها وأساليبها، إلا أنّ هذا الفيلم كان مختلفاً، كانت التجربة حقيقية.. مُلهمة، محفّزة، إنّه صراع غاس ضد الطبيعة، هل شاهدت فيلماً يتحدّى الطبيعة؟ .. لا أظنّ ، كما أنّ غاس لم يصارع من أجل البقاء والانتقام فحسب، غاس كان يصارع من أجل ماضيه، من أجل أن يُثبت بنفسه بأنّه طالما كان يتنفس، سيقاوم. لم يكن غاس بذاك الشخص الانهزامي، بل كانت أصول ابنه تشكّل عائقاً في حياته ولم يكترث، كانت الحياة تقف أمامه في كل مرةٍ ولم يهتم. ” طالما كنت تتنفس يا أبي، فأرجوك قاوم ” .. و سأنهي مراجعتي المتواضعة بنصيحة أو توصية أو جُملة عفوية ، حسب رأيكم .. أقول فيها : طالما كنت تتنفس أيها السينمائي، شاهد هذه التجربة الحقيقية، شاهد هذا الفيلم واقرأ حوله كثيراً.. حتّى وإن لم يعجبك، شاهده مرة أخرى وحاول أن تفهم الصراعات التي واجهها، من أجل العديد من الأشياء، أولها كانت من أجل أن يحظى الثلاثي : أليخاندرو ولوبزكي ودي كابريو بالأوسكار. فهل في رأيكم أنّ الفيلم كان حقاً بهذه الروعة ؟ .. رأيي ؟ .. طبعاً تمزحون ، مراجعتي كانت تخبركم عن رأيي بشكلٍ مفصّل ومتواضع. سيتم نشر بعض التحاليل البسيطة المصاحبة للمراجعة ولكن في صفحتي الشخصية عبر الفيسبوك. فيلم “ذا ريفنانت”.. أحد أفلام الجيل الحديث القوية والمميزة، ، نتفق جميعاً على أنَّ أحد عيوب الفيلم هي مدته الزمنية الطويلة، كما أنَّ الفيلم قد لا يعجب كافة الأذواق السينمائية، إلا أنني أجده من الأفلام القوية جداً هذا العام، كونه كان تحدياً صعباً للغاية، وها هي الأوسكار تعطيه 12 ترشيحاً، وكأنها تؤكد لنا قوة الفيلم وأحقيته في نيل الإنتقادات الإيجابية.

 

7 thoughts on “مراجعة فيلم – The Revenant 2015

Add yours

  1. مراجعة أكثر من رائعة.. اشياء كثيرة لم أنتبه لها في الفيلم.. شكرا جزيلا..

    Like

  2. ما ان انتهيت من قراءة مقالتك حتى حجزت تذكرة لرؤية الفيلم مرة اخرى، لقد انبهرت جداً في المرة الأولى وازداد انبهاري في الثانية.
    شكراً لك من القلب اخ محمد.

    Liked by 1 person

  3. ما ان انتهيت من قراءة مقالتك حتى حجزت تذكرة لرؤية الفيلم مرة اخرى، لقد انبهرت جداً في المرة الأولى وازداد انبهاري في الثانية.
    اختلف معك في نقطة الموسيقى فقط، أعتقد أن المخرج تعمد تخفيف الموسيقى لجعل المشاهد يغرق في ذلك العالم المتوحش وليدخلك أكثر في الفيلم ومعاناة البطل.

    شكراً لك من القلب اخ محمد.

    Liked by 1 person

Leave a reply to Naidja Walid Cancel reply

Website Powered by WordPress.com.

Up ↑