شباب بنغازي: الصداقة والتضحية الحقيقية! نحن همّا هلها.

13700019_596773510483298_745764617084224576_n

الصداقة الحقيقية! ما هي؟ دائمًا ما نستمع إلى هذا المصطلح ونقرأ على أنه من الحالات النادرة جداً، ولكنّه وفي حقيقة الأمر ليست من الأمور التي يمكنك كسبها بطريقة سهلة وسريعة، فالصداقة معناها كبير، لا شيء أفضل منها، ثمينة ونادرة، وقلة من بإمكانهم كسب هؤلاء النوع من الأصدقاء، النوع الذي يظهر وقت الشدّة، شدّتك أنت وظرفك بالنسبة له أولى من أيّ شيء آخر! النوع الذي يُسبقك على نفسه في كل شيء، يضحي من أجلك حتّى يُسعد نفسه! النوع الذي وبكل بساطة.. حقيقي، سعادته مرتبطة بسعادتك. تخيلوا معي وجود أمثال هؤلاء في بنغازي، مجموعة تضحي من أجل نفسها، وتحاول بأقل إمكانياتها أن ترفع صديقها وزميلها للأعلى، هذه المجموعة كتبت هذه الأيام قصّة لا تُشبه غيرها، حالتها وظرفها وزمنها قياسي، لكنّها عظيمة، غير مقتبسة، وأبطالها كُثر، من فتيان وفتيات شباب بنغازي الرائع. هكذا كانت القصّة…
قبل شهور قليلة أصابتنا فاجعة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.. “محمد بادي” أحد المصوّرين المميزين في بنغازي، وهو من الشخصيات الرائعة والحاضرة في كل حدث، حتّى أن اسمه أُرتبط بأحداث بنغازي، وقام شخصيًا بمزاملتي في عدة نشاطات شبابية بالمدينة، فصار عدسة الشباب في بنغازي دون أيّ مبالغة. بادي موهوب جدًا، تمتاز صوره بالأفكار الجديدة واللمسة الغير تقليدية، وأظنّه من بين أفضل المصورين الشباب في ليبيا، ولو أنّ صناعة السينما متوفرة، كان أسمه سيلمع مُباشرةً.
13814470_922968841166180_1330382005_n
الفاجعة هي تعرض كاميرا المُبدع والصديق “محمد بادي” لإطلاق رصاص مُتعمد! تخيلوا ذلك؟! ظُلم من قبل أحد المُسلحين المنتسبين للجيش ودُمرت كاميرا بادي بمجملها، لنفقد نحن، ثمّ بادي.. ذكريات قيمّة وجميلة، كانت ولا زالت حاضرة. بعد الفاجعة.. تكلّم محمد بادي في الأمر وكم كانت مؤثرة كلماته التي نغزت شيئًا ما في داخلنا جميعًا، أصدقائه تأثروا قبله، ومن هنا بدأت الحكاية التي لم نكن نتوقع حدوثها بالفعل! كانت أشبه بالمُستحيل.
 
صديقي عيسى أفريطيس، قرر بنفسه وفكّر لوحده ليبدأ بكتابة القصة التي إذ تخاذل فيها، لما حدثت، عيسى صديق حديث لمحمد بادي، ولكنه كما ذكرت حدثت فيما بيننا روابط جديدة بعد القيام ببعض النشاطات الشبابية ببنغازي. رغبةً من عيسى.. إلى حُضن صديقتنا مينا الكاسح، أنطلقت الفكرة وقام كل منهما وبمساعدة الأصدقاء، وأصدقاء بادي أيضًا، أن تنطلق الفكرة ويتم جمع مبلغٍ يشتري لنا الكاميرا، فكانت البداية بعنوان ( كلنا من أجل كاميرا بادي ).. وعدد 50 صديق، على آمل أن يُجمع المبلغ كاملًا حتّى تصبح الفكرة والرغبة حقيقة! وهكذا بدأ المشوار الذي كانت مدته التقريبة 3 شهور.. كما أنَّ المبلغ وعلى الرغم من قيمته العالية، توفر بشكل سريع، وفي الموعد المحدد.. لأنه وكما قُرر أن تتم المسألة برمتها في الأيام المقاربة لذكرى مواليد بادي.
 13770280_290992881255268_8600303906669041916_n
  • الصورة الجماعية لجزء من المجموعة ألتقطها “محمد بادي” بكاميرته الجديدة!
بتاريخ كتابتي لهذه التدوينة، الثاني والعشرون من يوليو من عام 2016! أُختتمت القصّة بنجاح، وتحقق ما كان مُستحيلًا.. صار هناك أصدقاء أوفياء وحقيقين، نعم.. في ظل الحرب والفوضى والقُبح هذا! بنغازي تملك فتاةً ساعية ولطيفة، ورجال وأصدقاء حقيقيون. تم شراء الكاميرا والقيام بحفلة صغيرة حتّى تُقدم الهدية لصديقنا “محمد بادي”، لأنه مُبدع وموهوب، ليس فقط من أجل صداقتنا وما يجمعنا.. عدد الذين ساهموا في نجاح هذه البادرة هم 50 شخصًا على الأقل، قاموا برفع موهبة ظلمها الجهل والسلاح في مجتمع سوداوي. هذه وبرأيي ليست مسألة إهداء وحسب، هذه مسألة دعم.. محمد بادي يعشق الكاميرا، تستهويه فكرة الصورة، لكنّ الشارع واجهه بالسلاح! دون أيَّ سببٍ يُذكر. ما دور الأصدقاء في هذه الحالة؟ ما دور الشباب في المدينة إذ قالوا ما علينا وما دخلنا؟ نعم.. هذه الحكاية عظيمة وستبقى عظيمة، لأنه ليس فقط بادي هو من يسعد، بل نحن جميعًا.. لا يوجد مستحيل، ها هي الموهبة قد عادت، في ظرف 3 شهور، وبمساعدة أصدقائه الأوفياء حقًا، صار كل شيء ممكنًا. أتمنى أن أرى مثل هذه الوقائع والحكايات تتكرر.. أتمنى أن تكون حكاية الموهوب والمصوّر محمد بادي هي البداية فقط! البداية لرفض حالة الإنتظار، نحن الآن ومن قبل عائمون في قُبح وعتمة، عائمون على سطح خادش لا يكترث. فلما لا نرفض! بطريقتنا وأسلوبنا الخاص. محمد بادي.. هنيئًا لك بهكذا أصدقاء، وهنيئًا لنا بهكذا إنسان، وموهبة لن نسمح لهم بطمسها.
13754564_660516734102087_3808756327765858524_n

– لحظات كشف الهدية.. وعودة حبيبته الكاميرا.
حساب محمد بادي على الفيسبوك / Mohammed Badi

2 thoughts on “شباب بنغازي: الصداقة والتضحية الحقيقية! نحن همّا هلها.

Add yours

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

Website Powered by WordPress.com.

Up ↑

%d bloggers like this: