سلطت مواضيع الكاتب “تايلور شيريدان” ضوءها من خلال ثلاثة سيناريوهات متتالية (السنوات الثلاثة الماضية) على دور الأقليات بالحدود الأمريكية محققًا بذلك ما يسمى الآن بثلاثية الحدود/frontier trilogy، وهي ثلاثية استهل مشواره فيها ككاتب نصوص فقط، تعامل من خلالها مع مخرج ذكي وبارع مثل الكندي “فيلنوف” (فيلم Sicario) الذي كان واحدا من مفضّلات سينما 2015، ليعود مجددًا وبظرف عام فقط كي يتعامل هذه المرّة مع المخرج “ماكينزي” (فيلم Hell or High Water) مترشحًا لأوسكار أفضل نص واضعًا اسمه في قمة الكتّاب الصاعدين بهوليوود. فيلم Wind River مختلف، “شريدان” رأى أنه لا يمكن لمخرج آخر أن يعالج الحكاية بنفس الطريقة التي يرغبها هو، فقام بمهمة الإخراج مؤمنًا أن ما يكتبه من نصوص سينمائية هامّة وضرورية.
ما دوّنته في الجزء الأول من المراجعة ملفت لأن الأعمال التي ذكرتها أشتهرت في الأعوام السابقة وكانت مرضية لكافة أطراف المشاهدين والنقّاد، هذا بطبيعة الحال وضع فيلم Wind River تحت المجهر وبنسبة مخاطرة كبيرة، الأمر الذي لم يحدث على الاطلاق. في Wind River تحدّث “شريدان” عن القسوة التي يعاني منها الهنود سكّان “وايومنغ” جرّاء المناخ والرياح قارسة البرودة. أعماله في الثلاثية لا تخطئ هذه المواضيع، هو بنفسه يقول أن هناك سوء تفاهم وقلة معرفة بين سكّان الولايات المتحدة، وأن أفلامه بالفعل تأتي دعمًا لما يعانيه سكّان الحدود وممثليه. من ناحية القصة، تايلور في رأيي الشخصي تعامل مع (تيمة) ثابتة في أفلامه الثلاثة، وهي استخدام شخصيتين رئيسيتين يتحكم من خلالهما على إظهار زوايا كل وجهة نظر في الموضوع المطروح، ثم بشكلٍ ما يجيد ربطهما بشكل حيادي.
نلحظ في مشهد البداية ركوض فتاة ما (متأثرة بجروحها) وسط الثلج والبرد القارس وبأعماق الليل، يرافقها راوية (صوت فتاة أخرى) تحكي شيئًا لا نفهمه إلا في ختام الفيلم. من هنا تبدأ الحكاية، جريمة قتل تحدث في منطقة لا يمكن توقع حدوث شيئًا كهذا فيها، يكتشفها قناص حيوانات مفترسة يدعى “كوري” (نعرف من خلال الآثر الباقي فيه من ماضيه سبب قيامه بمساعدة العميلة الفيدرالية). أحداث الفيلم مقتبسة من قصة حقيقية، يحاول “شريدان” من خلالها الربط والتحدث في أكثر من موضوع، لم يغفل في معظم تفاصيلها من أن يخرج فيلمًا متقنًا على عدة مستويات فنية تجعله جيدًا بالفعل للمشاهدة.
Leave a Reply