اخترت تكون افتتاحية التدوينة بصورة هونيّة ترمز للمدينة ولتجربتي فيها، صورة لأكثر حاجة من الممكن تشوفها أثناء سيرك وتجولك في هون وضواحيها، نخلة ورا نخلة ورا نخلة، مشهد كان مستبعد في صغري إن حيجي يوم ونتمنى نشوفه أو ناخذله صورة ونكتب عنه، كان ديما المستقبل مبني على زيارة مُدن أوروبية وآسيوية ونمر على ناطحات السحاب ونبدأ مذهول ودايخ من كثرتهن، لكن يبدو إن الحياة حتى لو قامت بإجبارك هي والدولار الملعون على نسيان فكرة اللجوء لسفريات ورحلات خارجية، هي أيضًا قادرة بشوية تجارب وممارسات وغطسات بين الأدب والفن إنها تعرفك على شخصيات جميلة تغيرلك معاييرك رأسًا على عقب، تقعد مش فاهم كيف وصلت لمرحلة من المراحل إن السفرة لمدينة مش معروف بدقة وقوعها في الغرب أو الجنوب الليبي هي غايتك وهدفك وفرصتك لصنع حدث وذكرى جديدة في حياتك.. من ميلانو ممكن منطقيًا الدولار ينسيك ويخليك تقبع في مكانك، بس مش ممكن يكون سبب عدم قدرتك على السفر لمدن كنت تحلم بيها هو السبب في رحلتك البريّة لمدينة ما فيش شخص من عائلتك تقريبًا (وقلة من معارفك) سافرولها في يوم من الأيام. الرحلة إلى هون كانت ديما مرتبطة بفكرتي عنها، الفكرة اللي كانت مبنية على علاقتي بناسها، وبالخصوص.. شبابها، المهووس بالفن والأدب وبتشغيل الدماغ ديما، كان التساؤل: هي ليش رغم صغر هون عندها كمية الجمال هذا؟ السؤال اللي يمكن يجاوبك عنه أي شخص في مكالمة هاتفية، أو بدردشة سريعة على الماسنجر، لكن لا لا، كان في داخلي ما يحركني لدرجة إن الفضول مُرتبط برؤيتي وتجربتي الفعلية وإيجاد الإجابة شعوريًا وبصريًا.. بمعنى آخر، رحلتي إلى هون كانت رحلة استكشاف، قبل ما تكون رحلة تعارف أو رحلة السبب منها دعوة خاصّة، أو حتى مهرجانها الخريفي (اللي كان بالتأكيد سبب من الأسباب)..
إحدى الصديقات والفنانات في هون كانت تقولي فكّر في يوم من الأيام إنك تزور هون وتحضر مهرجان خريفها، وما كنتش نقول مستحيل طبعا لأن الموضوع كان ديما في بالي، مع الوقت، قرب مهرجان الخريف وكان شباب هون ناويين إقامة ملتقى شبابي ثقافي يضم مجموعة من الكتاب الصغار والمهتمين بالمجالات الثقافية والفنية من كافة المدن الليبية، ومنها تلقيت دعوة خاصة للحضور، بس العائق كان في التوقيت بحيث إن اختبارات الجامعة مافيش بينها وبين المهرجان ذاك الوقت الكافي، فكنت مخلي الموضوع مع الوقت وحسب الظروف الجديدة. مع الأيام، بديت نتشجع طبعا بأن الفكرة من الملتقى جيدة وحتكون فرصة تلتقي بشخصيات مختلفة وفي ذات الوقت تستغل تواجد المهرجان (بما أن الملتقى جُزء من نشاطات المهرجان).. جاءت الامتحانات، وكانت تنتهي يوم 2 أكتوبر، والمهرجان يبدا يوم 6 أكتوبر، طيب.. هون تقع على بعد يتراوح زمنيًا ما بين الـ 8 إلى الـ 9 ساعات برًا، هل نمشي بروحي؟ هل التجربة حتكون مرضية في الأساس للمقربين مني؟ منها أقنعت الأهل إن فكرة السفر إلى هون غاية وتجربة لا بد منها، تواصلت مع مجموع 6 أصدقاء مقربين جاوبوني بـ: (هون بعيدة / أمممم موضوع ).. معظمها مخاوف من مسافة الطريق والغرض من الرحلة ومن عراقيلها أيضًا، بس الموضوع كان بالنسبة ليا عادي جدًا لأن المحاولات كانت فقط لغرض المحاولة، مش لغرض تغيير رأيي، فالسفرة بالنسبة ليا تمت طالما نكمل امتحاناتي ونمشي، مافيش حاجة تمنعني عموما، مع مساعدة شخصية وتحفيز من صديقي وجاري (حاتم الهوني) اللي كان يقولي الموضوع مش صعب ولا هو معقّد.. وبالفعل اتخذت قرار السفر ولو لوحدي. كانت المشكلة في الحصول على جهاز “سمارت فون” يغطي الرحلة وكذا، وبدأت المحاولات للحصول على قرض مالي يعطيني الإمكانية اللازمة لشراء جهاز جيد، والحمدلله صار من الجهاز وكانن الأمور في مجرى السفر يوم 5 أكتوبر بإتفاق بيني وبين المكتب، اللي “رخاني” يوم الاتفاق وما اتصلش بيا إلا متأخر، بس بحكم بعض الخبرة (كنت مجهز الشنطة بالكامل) وبالفعل طلعت مع سيارة الأجرة بروحي من بنغازي، الشاب الوحيد من المدينة، ماشي مسيب فرصة العطلة ومُنطلق لتجربة هون واستكشافها والتمتع بمهرجانها، مع غموض مستمر معايا طوال الرحلة..
تفاصيل الرحلة البريّة طويلة، هذي وحدة من الصور اللي خذيتها أثناء تواجدي في المقاعد الخلفية، طبعًا كانوا معايا 3 ركاب شباب في الرحلة، وبما إن كرعيا طوال (إحدى حقائقي) فتواجدي في الخلف كان فرصة كويسة رغم صغر السيارة لتمديد هالعمدان (قصدي الكرعين الطوال).. أنطلقت الرحلة ومعايا مجموعة من الـ Play-list و الـ Movies على أمل نقضي بيهن معظم الوقت، مع شوية حاجيات تسد الجوع وشراب وكذا، وكانت الرحلة جيدة جدًا، في بعض الأوقات نهدرزوا على أوضاع البلاد، على الغرض من رحلة كل راكب، مع مواقف مرينا بيها، المهم في الموضوع كله ( تغير جو السواق بحيث ما يفكرش ينعس )، وبريك في كم إستراحة، لعند ما بدينا نوصلوا لبعض الإستيقافات المعقدة زي الموجودة في مناطق سرت، شوية تفتيش ما كانش زي المتوقع ومشن الأمور بالساهل، خذت الرحلة من الطريق الطقران إلى طريق الصحراء ومن هنا يمكن بدت أسوء تجربة (تحمّل) تمر بيها.. المشكلة مولع أغاني وحاولت نكمل باقي أحد الأفلام (اللي كان بالمناسبة How To Be Single على أمل تثبيت رأيي مجددا في موضوع العزوبية)، لكن الطريق الصحراوية أبت تريحني وتريح الركاب، مشا الموضوع بسلاسة لين وصلنا إلى هون، اللي رغم طول الرحلة وشوية المصاعب فيها إلا إنها كانت أقل جدًا من المتوقع.. خاصةً جانب الاستيقاف، لاحظت إني كل مرة تحت جيهة أمنية، تجربة كويسة جدًا اكتشفت فيها شيء مهم وهو أن مشاكل الليبين من الساهل إنها تُحل، لأن المشكلة (جدًا سخيفة) وواضح اللعبة السياسية فيها، ومفروض كليبين وناس عاديين بمقدورنا تسيير كل أمورنا، تحس إن اللي يوقفك ويطلب أوراقك ما هو إلا شخص مُطالب أيضًا بهذا الفعل، حاجة بعض الأصحاب كان يعتقدوا فيها (جو المافيا وكذا) وهي مش حاجة كبيرة وسخافتها لاعبة دور في وصولنا لمراحل المأساة حاليًا.. على أي حال، إنتهت الرحلة بوصولي وأخيرًا للوجهة ( هون )، استقبلني الشاب الرائع “محمد حسني” والبقية في الجاي..
وصلت واستقبلني “محمد” وهو أحد منظمي المهرجان، ورغم الحوسة اللي كانوا واقعين فيها باعتبار إن مهرجان الخريف يستقبل في زوار ووفود من كافة مدن ليبيا، مهرجان حقيقي وممتع يستمتع بيه الجميع ومش مُسلط عليه الضوء بشكل يستحق بالفعل، ولهذا مجيئي قبل الحفل بيوم كان في ظل ضغط حضور الزائرين مربك، بس سرعان ما بينتلهم بعد لقائي بالشباب “محمد دافا – أصيل” إن الأمر طبيعي جدًا، وأنا من بينهم الآن ولست محسوب كزائر، وكسدت معاهم لمدة مش قصيرة في مكان وموقع المهرجان نفسه، اللي كان جميل جدًا وتشعر بأن الجميع يترقب في يومه، من ثم.. ألتقيت بالمخرج الشاب والشخص اللي كان تربطني بيه علاقة جيدة على الانترنت “بشير أبو القاسم” اللي كان مش مصدق إن بيجي يوم ونتلاقوا ولا في هون.. لكن بالفعل حدث الموقع وتلاقينا، في اللحظات هذه أيضًا تعرفت على ( حذيفة ).. ويمكن الشخصية هذه بالخصوص تحتاج نوعًا ما لفقرة مستقلة، لأن لقائي بيه كان في البداية عادي، بعد ذلك أرتفع نسق التفاهم والمبادرة منه ومني لدرجة وصول الأمر ببقاءه الشخص المقرب جدًا في الرحلة، وللحديث عنه وعن بقية الشباب بقية. تحصلت على جدول نشاطات المهرجان، وبدت الرحلة من اليوم اللي بعد وصولي في الاستمتاع أولًا بافتتاحية المهرجان، بحيث كانت وحدة من المشاهد المفضلة في الزيارة ككل، أيضًا استقبالنا لزائر ومدعو من مدينة الزاوية، الصديق مش بس الزميل “أحمد شوقي” اللي في لحظات عرفنا نتفاهموا من كثر المبادئ الغريبة اللي بينا، شخص عفوي ومُرفه وراقي وطيب القلب، كانت تجمعنا بعض التعليقات الفيسبوكية، لكن الأمر أصبح الآن يتربط برحلة هونية كاملة، بمواقفه الإنسانية اللي مرت عليّ أمامي واللي لا تعكس أبدًا الكثير من (كئابته) كما يدعي هو على الانترنت :”D ، إنتهت بنشاطات اليوم الأول مع مواقف رائعة من شباب المهرجان المنظمين، أصيل وحذيفة والمحمدين وطه (طه طبعًا الجو كله) والبقية، اللي واضح جدًا استحقاق المدينة هذه لشباب من الطراز الغير عادي هذا، قريبين جدًا من الزوار وخفاف وعارفين بالزبط شن ممكن يفرحنا وشن ممكن يزعجنا..
الصحراء.. إحدى فعاليات المهرجان زيارة (الحاج اعمر)، غادي شفت الصحراء الليبية، مش حنتحدث زي ما لاحظتوا على تفاصيل الرحلة ونشاطات المهرجان بشكل دقيق، لكن بشكل عام، مشاهدتي وتجربة ملامسة رمل الصحراء ( غير عادية بالمرّة ).. تجربة جديدة نعم فيها شعور بالانتماء، بالوطنية، بالحياة، ما تعرفش كيف توصفها، حاجة جديدة وجميلة في ذات الوقت، لامستها وجلست عليها، روحت بيها وخليت شوية مني فيها، من بنغازي 9 ساعات بيش تجرب وتحظى بتجربة مماثلة، مش خسارة، بالعكس مفروض هذا هدف تضعه في تجارب الرحلات المستقبلية، ومكان ما تزور مدن مش مرتبطة بيك وراثيا، تزور حاجات قريبة منك وفيها المفعول اللي يقولك لاحظني وحاول تقدملي. بعد زيارة الصحراء، زرنا في أيام ثانية نشاطات منوعة كل نشاط كان في مكان خاص، كانن في رحلات للمدينة القديمة، للمعارض الخاصة بمقتنيات شعبية، شفت أصغر مصحف قرآن كريم، شفت حجر ما يطفحش في الماء، حاجات ( جديدة ).. وقيمة الجديد ديما عندي بحسابها، لأن تطوري (فكرياً ووعياً) مرتبط بجديدي.. هون كان فيها حاجات جديدة، كانت تعني بذلك.
“مُلتقى الشباب الثقافي الفني”.. الدعوة كانت حول حضوري لهذا المنشط، وفرصة مخاطبة الحضور في إحدى مواضيعي المرتبطة بمفهوم السينما لدي، هذا المنشط كان فرصة للتعرف على شخصيات مميزة أخص بالذكر منها (محمد اللافي – محمد الباوندي) وغيرهم، البوسيفي كذلك المصور المميز، وشخصيات من فريق التنظيم، الفتيات ( فرح- نور – ميسون – تُماضر – أية – فاطمة – سارة – ماجدولين) .. والصديقات ( صفا – هدى ) ولا أنسى لقائي مع ( دنيا ).. إن شاء الله ما نسيت حد! بما في ذلك شباب التنظيم وهم أنفسهم المذكورين مسبقًا (الجميلين جدًا بين نشاطهم الجسدي والآخر الفكري). تكلمت في خطابي عن مسألة ( التقييم في السينما ).. وأتمنى أن أكون قد وفقت في الخطاب وقدمت ولو إضاءة بسيطة حول المعتقدات والمفاهيم الخاطئة والمصححة لها حول كيفية التقييم والتفرقة بين الرديء والجيد بالفن البصري السينمائي. تحاورنا بعد ما إنتهى الملتقى وتعرفت من خلاله على شخصيات بإختلاف اللهجات الليبية، شباب طرابلسي وآخر هوني وأنا الشرقي الوحيد، لكن جمعنا حبنا واهتمامنا بالأدب والفن، نُقطة ( كبيرة ) لازم يُلقى عليها الضوء بالك تحل مشاكل كثيرة وتوضح للجميع مدى بساطة العيش في سلام ومحبة ورفاهية وهدوء. تكلمنا عن فرصة استمرار هذا الملتقى، وأيضًا عن ضرورة وجود الطموح لكل حد فينا إذا أردنا بالفعل تسهيل المهمة في المستقبل وتمكين الظروف في صالحنا وصالح نفسياتنا.
من التفاصيل الرائعة جدًا برحلة هون إن كان أثناء رحلتي حوارات ونقاشات حول إمكانية زيارة الوالد وأصدقاءه من بينهم (الدكتور نجيب الحصادي) والفنان (عادل عبد المجيد) لمهرجان الخريف وهون بصفة عامة، بما إن من بين أصدقاء الوالد العم (توفيق) وكان مُصر جدًا عىل زيارة أصدقاءه للمدينة، وبالفعل، صار واستقبلت بعد 3 أيام من رحلتي في هون الوالد وأصدقاءه، وكانت فرصة غير عادية حضور محاضرات للدكتور نجيب، عن الشباب والإبداع، عن السياسة ومفهوم الدولة، وفي الصورة هذه يظهر رفقتي أيضًا الشخصيتين اللي مش حنعرف نعبر عنهم بصدق، (أصيل وحذيفة)، مواقفهم الرائعة ومرافقتهم لي طوال فترة الإقامة، أصيل على الرغم من ظروف افتتاحه للمطعم كان يحاول يبادر ويكون قريب مني، أما حذيفة، حذيفة كان زي الساعة، 24 ساعة جنبي، الشخص هذا بدون مبالغة عظيم جدًا، نتمنى يوما ما يجمعنا نشاط فعال في الدولة ككل، لأن شاب ذكي ومميز ويحب هون، طوال رحلتي كان يحكيلي عن تفاصيل المدينة، كل تفصيلة، عارف كل تاريخ هون، يحب هون عن حق، مرافقتي له يمكن نعتبرها تجربة الصداقة الأفضل في 2017، عظيم هو والزملاء جميعهم.. حتى في آخر لحظات مكوثي كانوا برفقة “طه ومالك” على أهب الاستعداد لتغيير جوي، كانوا بسطاء وشباب عيشوني المود بشكل أو بآخر، بس لازم نعترف ونقول إني برضو سهلتها عليهم شوية وما خليتهمش يجاملوني واجد :”D
طبعًا حاب نسرد معلومات بسيطة يمكن ما قدرت نرتبها حول مهرجان الخريف في هون، واللي هو الفرصة الأفضل في زيارة أي شخص للمدينة، مهرجان مبني على الهوية والتراث وحاجات كلها مرتبطة بثقافة وفن وإجتماعية الناس (السكان)، الصغار يحبوه ويهتموا بيه أكثر حتى من الكبار، النقطة اللي تخليك مُنبهر وتضطر تحبه بنفس الصورة، أيام ما قدرتش نرقد فيها كويس من كثر الضغط فيها، بس الضغط هذا ممتع، كل يوم ماشيين لمكان وكل يوم كاشف حاجة جديدة تبهرني وتشكل مفهوم (الجديد) معايا، ما تحسش بالتعب، بس حتشعر بأن الشمس في هون مختلفة عن شمسنا في بنغازي، يعني فجأة “تنسطر” منها لين تصاب بالرعشة. المهرجان فيه هوية، ممتع والناس بكافة أجناسهم مجتمعين، يسمعوا في الأغاني الشعبية ويمارسوا في تراثهم وغيرها من التفاصيل الجميلة جدًا. تخلل المهرجان معرض فني، معرض قابلت فيه بعض الفنانين والفنانات في هون وضواحي هون، فنانين بالفعل، لوحاتهم تشكل في معاني تعبر إما عن ذواتهم أو عن ذوات غيرهم، لكن كلها ذوات مثيرة للاهتمام، تسحرك زي ما يسحرك فن “فان غوخ”، بس لما تقول حاجة هكي حيقولوا ما أنتَ تبالغ وتجامل، لكن الفن مش في جنسيته ومدى معرفة الآخرين له، الفن في فنه، في الصورة اللي يرسمها فيك وفقًا لتجاربك الشخصية، وأنا لقيت في فنانين هون خاصةً الشباب (روح بديعة) وتجبرك تنبهر وتشوفها الأفضل بين فناني ليبيا جميعهم. بصفة عامة، تجربة المهرجان ممتعة، الخيول، الصحراء، المعارض الفنية والشعبية، ملتقيات الأدباء والشعراء، جمال!
في أي سفرة تقوم بيها لأي مدينة حاول تطلب تجربة أكلتهم الشعبية، الأكلة المتميزين بيها، وفي هون ما قدرتش نطلب لأني في الأساس ما كنتش نفكر في الوكال واجد بصراحة، لكن صادف وكان في موقف جميل من الشباب إنهم ضيفونا بغداء هوني بإمتياز، وهي أكلة أعتقد كل منطقة الجفرة يتميزوا بيها. (الفتات).. طبعًا الشباب تخوفوا إن ما تعجبنش أنا وزميلي (أحمد شوقي) وقالولنا تقدروا بعد أول كشيكين نغيروا الوجهة ونمشوا لأي مطعم هههههه، لكن صار العكس وكلينا منها والجو كان ماشي، في الواقع أنا ما عجبتنيش لدرجة كبيرة وهما لاحظوا هالشيء، لكن برضو عجبتني لأنه خليط الدحي والفلفل وكذا كان ضايف جو، وأنا معروف حتى بيني وبين أسرتي إني من عشاق النوع هذا من الأكلات.. طبعًا الفتات (خبز) وغيرها من المحتويات اللي ما نذكر بالتحديد شن كانت، وما نتمنش حد يسألني على المقادير وطرق التطييب لكن في إستطاعتي نوصلكم بصديق هوني ويساعدكم طبعًا!
10 أيام تقريبًا أو أقل بقليل مدة الرحلة بالكامل، ما بدر في ذهني من تفاصيل ومراحل تم ذكرها، لو نبي نحكي عن تجربتي مع كل فرد تلاقيت معاه مش حتكون تدوينة أبدًا، حنحتفظ بجماليات التفاصيل الصغيرة هذه لنفسي، استمتعت بقضاء وقتي في هون ومهرجان هون والكل كانوا رائعين، من مستضيفين إلي ضيوف، تلقيت كل الاحترام والمودة اللي ممكن يتلقاها الضيف، الجو المريح اللي يتمناه كل مسافر وكل زائر، رحلة العودة كانت سيئة نوعا ما، مرينا بمشاكل بنزين كانت على كافة البلاد، واضطريت المكوث في البريقة لمدة يومين قبل الرجوع لبنغازي، بس مع ذلك، كانن الأجواء بشكل عام ممتعة ومافيش تجربة تتلقاها إلا وهي ضرورية طالما قدرت تتعامل بها وتوصل لمرحلة الكتابة عنها. العودة إلى هون؟ ليش لا.. ويمكن تكون مع الأصدقاء وبمجموعة أكبر، المدينة الحاضنة، تشعر وكأنها بعيدة جدًا عن ظروف البلاد، رغم معايشتها لنفس الظروف، لكن فترة المهرجان، في “زر” يحولها من ظرف إلى ظرف آخر، حابين الحياة ويشوفوا في الفن حاجة مباحة ومهمة، يقدروك، فلازم نقدروهم بزيارات متتالية سنوية، تقربنا كأخوة وكأصحاب وكليبين. شكرًا لكل شخص قابلته في هون، للفرصة اللي خلتني نفكر نزورها أصلًا، للظرف اللي مكني من الوصول لدرجة الخطبة على السينما في وسط بعيد جدًا عن وسطي، شكرًا لناسها، ناس هون هما أحلى ما فيها، لونهم المميز، لهجتهم، يمكن بعضهم حيقولوا إني شخص مبالغ وما نشوفش إلا في الجزء الجيد، لكن نعم، أنا مشيت للجزء الجيد ومش في بالي الجزء السيء الموجود في كل مكان. شكرًا لصفا، الصديقة اللي قربتني من هون وخلتني بالفعل نجيها، لهدى خيتها، لبشير المخرج، لحذيفة العظيم، لأصيل وطه ومحمد حسني ومحمد دافا، للزوار جميعهم، للفنانات والشاعرات والنشاطات نور وفرح وميسون وتُماضر، لهون ميديا ومديرها المحترم أحمد، للجميع، لكل مشهد وحوار وظرف، هون التجربة المفضلة في 2017، التجربة اللي التدوينة ما عطتهش حقها كونها جت في عجالة، كونها التدوينة الثانية بما إن الأولى صارلها ظرف ولم تُنشر كما يجب، للعنوان اللي غيرته أكثر من مرة لين وصلت لأبسط عنوان ممكن يعبر عنها.
في إنتظار زيارتكم لي.. شكرًا المرة هذي ملونة ومعاها “ياسر” مشاعر حُب وإمتنان وإحترام.
Leave a Reply