Private Life – رِهانٌ سينمائي على حياة خاصّة!

 

“حياة خاصّة”، عنوان لفيلم لم أنتبه له أثناء صدوره إلا عن طريق بعض المنشورات لأصدقائي السينمائيين على الفيسبوك، وعرفت أنه أحد إنتاجات نيتفليكس السينمائية، له إشادات كثيرة لكنه رهانٌ تكاد تشير كل الانطباعات حوله بأنه خاسر، وهذا ما لم يحدث، “نيتفليكس” في طريقها الصحيح شئنا أم أبينا، وهذه واحدة من الحجج القوية جدًا والتي يمكن للصف الذي يؤيد دخول نيتفليكس في إنتاج الأفلام باستخدامها كلّ مرة. الفيلم يتحدث عن حياة زوجية يحاول طرفيها جاهدين الحصول على طفلٍ قد يكون هو الأحجية المفقودة لحياة كليهما، وهو كتابة وإخراج الصاعدة “تامارا جنكينز”، وبطولة الممتعين دائمًا “كاثرين هان” و “بول جياماتي”، كاثرين في دورها تمثّل شخصية رايتشل، وبول يأخذ دور ريتشارد، وببساطة الفيلم يجسّد رحلتهما المليئة بالأمل والكوميديا.

 

نتيجة بحث الصور عن ‪private life 2018‬‏

 

منذ بداية الفيلم وحتى قبل ذلك نتأكد أننا على وشك الاستمتاع بنكات وكوميديا كلا الشخصيتين (وهذا يرجع لطبيعة الممثلان)، كل شيء يوحي بدراما كئيبة لكن “جنيكنز” تفهم أن ذلك لن يكون واقعيا والتسّول من أجل العاطفة لا يجدي نفعا. رايتشل كما سنتعرف عنها خلال الفيلم فهي ليست خصبة  كما يجب، أما ريتشارد فهو كما تعرفنا من خلال فضح رايتشل له في لقطة كوميدية (فهو يملك خصية واحدة)، وجميع هذه المعلومات تشير إلى أن إنجاب رايتشل سيتطلب معجزة ما، وهذا يحدث عمومًا. يحاولان جاهدين وبالاستعانة ببعضهما القيام بكل ما يؤهلهما للحصول على الرد الإيجابي أو لظهور مؤشر الموجب على آلة الاختبار، كل ذلك سيحدث أمامنا، سنتطفل برفقٍ على حياتهما، وهذه التفاصيل الصغيرة يمكن اعتبارها خاصّة، لذا الفيلم نال إعجابي حتى من هذا المنظور الضيق كونني أحب أن تفعل السينما هكذا أمر، أن تُلقي ولو بجزء من ضوءها على تفاصيل هكذا علاقات قد تؤثر حتى بغير أصحاب التجربة.

 

نتيجة بحث الصور عن ‪private life 2018‬‏

 

ما يتضح خلال تتبعنا لحياة رايتشل وريتشارد، فالاثنين يعانيان على الصعيد الفردي أيضًا ولكل منهما قصته الخاصة، هذا الصراع يعبر عن إحباطٍ يحاولان تخبئته خلال استخدامها لروح الدعابة، ويمكن لهذا التعبير أن يؤخذ فعليا على أنها روح دعابة سودواية، لكن هذا ما لم نشعر به، فهي دعابة حقيقية نابعة عن حقيقة تعبّر عن السبب الذي يجعلهما مقربين دائما، حتى عندما نعلم بأن أحلامهما في الماضي لم تستمر معهما في الحاضر، فرايتشل كاتبة ونلاحظ الصعوبات التي تمر بها أثناء محاولتها إنهاء الرواية التي تعمل عليها، وهذا يبدو بوضوح تعقيدًا جديدًا تمر به ليس كما كانت تكتب من قبل، بينما ريتشارد فقد كان يحلم بالاستمرار بالمجال الفني والمسرحي، غير أنه الآن يرأس شركة ما يبدو أن أرباحها جيدة جدًا بما أن محاولتهما الطبية تتطلب الكثير من الأموال. ما يثير الاستغراب والاعجاب على الصعيد النفسي والعاطفي أنهما لازال يحاولان، لم يستسلما أبدًا حتى وهما يعلمان بأن الأمر يتطلب الكثير وأكثر.

 

نتيجة بحث الصور عن ‪private life 2018‬‏

 

التحول الجاد والقرار الأكثر مصيرية عندما نعرف تبعًا على أن هناك أصدقاء مقربون لريتشارد ورايتشل، “تشارلي” شقيق ريتشارد وزوجته سينثيا، عائلة أخرى تساندهما بكل قراراتهما والمصاعب التي يمران بها، وهما أيضًا من طلبا منهما قرضا ماليًا لإجراء عملية الخصب الصناعي التي نعرف أنها ليست الأولى. تعيدنا الأحداث لنلحظ من جديد أن ابنة “تشارلي وسينثيا” والتي تدعى (سِيدي) تدرس بنفس المدينة التي يسكنان بها ريتشارد ورايتشل، وهي دائما ما تقرر أن زيارتهما لبعض الوقت خاصة عندما تمر بأوقات صعبة حالها كحال أي مراهق شاب أو طالب جامعي يدرس خارج وسطه وبعيدًا عن أسرته. “سِيدي” كاتبة هاوية، وبسبب دراستها خارج المدينة فهي تحتاج دائمًا إلى المال، لكن هذا ليس كل ما تحتاجه، بل هناك نقص بحياتها تحاول التعويض عنه بفعل أي شيءٍ يشعرها بالمعنى. وهذه الرغبة جاءت للتقاطع فجأة مع قرارٍ اتخذاه ريتشارد ورايتشل بصعوبة، ألا وهو البحث عن متبرعة بالخلايا البويضية، حتى أن متطلباتهما المشتركة بالاضافة إلى نصائح الطبيب كانت جميعها تشير إلى خيار “سِيدي”، وبهذا التحول كان للقصة وللفيلم عمومًا انعطافاته الدرامية الأكبر، ليس ثقيلة كما تتخيلون، لكنها تضفي حدثًا إضافيا لحكاية هذا الثنائي.

 

نتيجة بحث الصور عن ‪private life Tamara Jenkins‬‏

 

“تامارا جنكينز” راهنت على حكاية يمكن لنا اعتبارها موضع اهتمام بالولايات المتحدة على وجه الخصوص، لكنها ليست حكاية بإمكانها أن تثير الناس على مستوى العالم، كما أن أضفت لمسات رفعت من مستوى الفيلم كالطريقة التي تلتقط بها تفاصيل الحياة الزوجية، وهذا يتمثل ببعض الحوارات التي نشهدها بين الثنائيات الزوجية (علاقتين اثنين بالفيلم لا واحدة)، أيضًا اللحظات التي مرّو بها بالتجربة وتغطية التفاصيل سواء فيما بينهما بالمنزل، بالسيارة أو العيادة، وهذه جميعها رؤية إخراجية شاملة لم تغذي مباشرةٍ موضوعها بل أجادت نقل “حياتهما الخاصة” برؤية موسّعة على كامل محيطهما. تجربة ناجحة للمخرجة تامارا، الفيلم لا يحتاج إلى أبعادٍ درامية معمّقة أو تأثيرات صوتية مبالغة، بل ما يتطلبه الموضوع وببساطة، وهذا ما تم حدوثه بالفعل.

 

واحدة من مشاهداتي المفضّلة بالعام، رغم أنه قد لا يحظى بفرصة بنهايته إلى أن يكون بين الخمسة عشر فيلما المفضلين لدي، لكنه من بين تلك الأعمال التي تستحق المشاهدة بالفعل، فلا تفوتوه وأعطوا مثله من الأفلام فرصة دائمًا.

 

2 thoughts on “Private Life – رِهانٌ سينمائي على حياة خاصّة!

Add yours

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

Website Powered by WordPress.com.

Up ↑

%d bloggers like this: